كلمة معالي الشيخ خالد بن علي آل خليفة

'طباعة

انطلاقًا من دور القضاء في تحقيق الهدف الأسمى المتمثل في إقامة العدل وحفظ حقوق الناس ، شكّل القضاء البحريني، وعلى مدى أكثر من قرنين، أحد أركان الدولة الحديثة.

 

وطوال هذا التاريخ، اقترنت مسيرة القضاء الممتدة بسمة التفاعل مع متطلبات التطوير الناشئة عن المتغيرات في أساليب الحياة وحركة المجتمع وشكل وطرق التعاقدات والتعاملات في شتى المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية.

 

ومن أجل مواكبة التطور الكبير والمتسارع في القرن الواحد والعشرين، واستيعاب الاحتياجات المتغيرة المرتبطة بهذا التطور، يجب أن يتم العمل على تعميق نهج العدالة الذي يركز على تلبية الاحتياجات المستجدة للناس بجميع شرائحهم ووضعها في صلب برامج التطوير، بما يمكنهم من المشاركة الفعالة في نظام العدالة، وهو الأمر الذي ينبغي معه ضمان أن تكون إجراءات العدالة جزءًا من نظام متكامل يمكن للجميع أن يصل إليه بسهولة وأن يفهم إجراءاته وقراراته وأحكامه بوضوح.

 

إن وجود نظام فعال للوصول إلى العدالة أصبح جزءًا أساسيًا من البنية التحتية المتطلبة لتحقيق النمو الاقتصادي، والتطور الديمقراطي، والمناخ الجاذب للاستثمار، فالعدالة هي القلب النابض لمبدأ سيادة القانون، وشعور الناس الدائم بها هو الذي يرسخ ثقة المجتمع في دولة المؤسسات وسيادة القانون.

  

ولمقابلة ذلك بالبناء على ما تحقق، يسعى القضاء إلى جعل هدف جودة العمل القضائي أولوية أساسية ومستمرة، بما يمكنه من أداء دوره المنوط به بكفاءة وفعالية، ويرسخ من مبدأ سيادة القانون في الدولة والمجتمع، ويعزز التنافسية بما يستجيب لمتطلبات الاقتصاد المعاصرة.

 

وتأتي أهمية توحيد المبادئ القضائية وتعزيز القدرة على التنبؤ بالأحكام كأولوية في هذه المرحلة، وذلك ضمن تنفيذ مبادرات الوصول إلى العدالة، بهدف ترسيخ المبادئ القضائية واستقرارها لما لذلك من انعكاسات مهمة وايجابية على المجتمع ومختلف القطاعات.

 

ومن جانب آخر، فإنه لما كان الغرض الأسمى هو تسوية النزاعات بالطريقة الأكثر فعالية وملاءمة وفق تقدير الخصوم في إطار احترام سيادة القانون، فإن الأحكام والقرارات القضائية تؤكد دومًا على دور القضاء المساند للتحكيم الفردي والمؤسسي والداعم كذلك للوسائل البديلة لتسوية المنازعات وخاصة الوساطة، باعتبارها مسارات ناجحة وفعالة باتت تحظى بدور كبير ومتزايد في التطبيقات المعاصرة في مجال فض المنازعات بمختلف أنواعها. وكذلك التأكيد على أهمية التعاون القضائي الدولي والحاجة المتنامية لتعزيزه وخاصة في مجالات التجارة الدولية ومكافحة الجريمة العابرة للحدود.

 

إضافة إلى ذلك، فإنه يجدر التنويه إلى ضرورة التوسع في استخدام التكنولوجيا في المحاكم والإجراءات القضائية والسعي المستمر للاستفادة من أحدث التقنيات الحديثة في قطاع العدالة، لما توفره من مزايا جوهرية من حيث سهولة الوصول، ودعم إدارة الوقت بشكل أمثل، بما يسهم في الارتقاء بكفاءة الأداء وتيسير الإجراءات وسرعة الإنجاز.

 

وفي الختام فإننا نؤكد على أهمية تعزيز الانفتاح والتواصل المؤسسي للقضاء مع جميع المؤسسات الرسمية والأهلية المهتمة بإرساء سيادة القانون، وكذلك المجتمع القانوني من محامين، ومحكمين، ووسطاء، وموثقين، ومستشارين قانونيين، وكذلك مجتمع الأعمال وعموم المتقاضين.

 

خالد بن علي آل خليفة

نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء

رئيس محكمة التمييز